لا شك أن معركة سلاميس تميزت بكونها انتصارًا تاريخيًا فاصلًا في الصراع بين الإغريق والفرس. فكان انتصار الإغريق في هذه المعركة حاسما في مواجهة المد الفارسي وتحطيم أسطورة القوة الفارسية التي لا تقهر. ولا شك أن قيام أحد المؤرخين برصد أحداث تلك المعركة وتحليل أحداثها ونتائجها لهو أمر طبيعي. لكننا عندما نجد أنفسنا أمام شاعر في حجم أيسخولوس (Aeschylus) وهو ينظم مسرحية درامية يتناول فيها تبعات ما بعد المعركة وآثار الهزيمة الساحقة على الفرس شعبًا وحكامًا، فإن ذلك يصبح أمراً جديراً بالاهتمام. ويرتكز هذا الاهتمام على كون أيسخولوس نفسه واحداً من الجنود الذين نالوا شرف المشاركة في تلك المعركة العظيمة. فهو إذن الشاعر المحارب أو المحارب الشاعر، الذي طفق يوظف ما لديه من خبرة المحارب وموهبة المؤلف المسرحي في نظم مسرحية درامية تعبر عن رؤيته لهذا الصراع المرير بين الفرس الإغريق، وما انتهى إليه هذا الصراع من انتصار الإغريق.